وليس معنى ذلك ، أن قصة المعجزة تتحرك في إطار المجتمع الذي تبدأ فيه الرسالة حركتها ، فلا تتجاوز إلى غيره ، لتكون المعجزة حدثا طارئا في حياة الرسول ، وفي حركة الرسالة ، فليس ذلك هو ما نحاوله ، لأننا نعتبر المعجزة ضرورة حية لتأكيد علاقة الرسالة بالله باعتبارها عملا خارقا للقوانين الطبيعية المألوفة في الحياة ، من دون أن نسيء إلى قانون السببية الذي جعله الله في الكون في علاقة الظواهر العامة بأسبابها ، لأنها لا تخرق القانون بل تتحرك في النطاق الخفي في حركته الكونية لتكون اختراقا للقانون العادي لا للقانون من حيث المبدأ ، بمعنى أنه ليس من الضروري أن تكون خرقا له ، لكن لا مانع من ذلك إذا انطلقت حكمته ـ تعالى ـ في تعلق إرادته بها بشكل مباشر.
وبذلك ، فإن المعجزة تشكل القاعدة التي تنطلق منها الرسالة ، لتؤكد شرعيتها في إخضاع الحياة لمفاهيمها وشرائعها على أساس ما تمثله من إرادة الله ، كما أنها تشكل القوة الصادمة للقوى المناوئة ، بحيث لا تسمح لاستفزازاتها بأن تشوّه وجه الدعوة ، أو تحرفها عن مسيرتها القوية ، لا سيما في بداياتها الأولى ، لئلا تبدأ بداية ضعيفة يحوطها الغموض ، وتنتابها الشبهات.
وذلك لأن خصوم الدعوة ، في بداياتها الأولى ، يمثلون القوى الطاغية الغاشمة ، التي تقف ضد امتدادها وانتشارها ، وتمنع الآخرين من الدخول في عملية حوار مع الدعوة حول القضايا التي تطرحها والمفاهيم التي تحملها ، الأمر الذي قد يفسح في المجال للأوهام والأضاليل والشبهات ، بالانتشار ، لتؤخر مسيرتها وتشوّه صورتها ، كما نلاحظ ذلك في الأساليب التي كان يتبعها فرعون ضد موسى عليهالسلام بالتهوين من شأنه ، والحط من قدره ، لتشويه صورة الرسالة التي يدعو إليها ، والوقوف أمام كل تحرك عملي يحاوله موسى عليهالسلام في سبيل الوصول إلى أفكار الناس وقناعاتهم.
وهذا ما استطاع موسى عليهالسلام أن يحطمه بمعجزة العصا التي