الوجود صلاة روحية وجودية ترتفع به إلى المستوى الأعلى في درجات القرب من الله والسموّ في مدارج الكمال ، وهذا ما يخسره الإنسان في خط الكفر الذي يحوله إلى إنسان غير مسئول في وجوده إلا من خلال حاجاته الذاتية التي يختنق فيها في دائرته الضيقة.
٣ ـ النزعة الإصلاحية التي تعمل على إصلاح ما فسد من حياة الناس ، ومحاربة تجدد الفساد وانطلاقه في المجتمع ، سواء في ذلك فساد العقيدة أو فساد السلوك والوجدان ، وهذا هو سر الإيمان في حياة المؤمنين عند ما ينطلق في حياتهم ليقوّي هذه الركائز ؛ فهم يحفظون عهده الله في كل التزاماتهم ومواثيقهم في العقيدة والحياة ، ويصلون ما أمر الله به أن يوصل في علاقة الإيمان والقرابة والجوار وغيرها ، ويصلحون ما فسد في الأرض ، ويقفون ضد المفسدين ، وبذلك يتحول الإيمان والفسق إلى عنصرين فاعلين في بناء المجتمع أو تهديمه بدلا من أن يكونا عنصرين ذاتيين يحكمان النوازع الفردية للإنسان.
وقد حاول المفسرون البحث في تحديد عهد الله بين قائل بأنه ما ركب في عقولهم من أدلة التوحيد والعدل وتصديق الرسل ، وقائل بأنه وصية الله إلى خلقه على لسان رسوله بما أمرهم به من طاعته ونهاهم عن معصيته ، وقد يتجه بعضهم إلى تحديد موضوع الآية بأهل الكتاب ليكون المراد بعهد الله ما أخذه عليهم في التوراة من اتباع محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد يبتعد بعض بالآية عن ذلك كله ، فيعتبره إشارة إلى العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم مثل الذرّ ، كما وردت به القصة المعروفة ، وردّه بعضهم بأنه ـ تعالى ـ لا يجوز أن يحتجّ على عباده بعهده لا يذكرونه ، ولا يعرفونه ، ولا يكون عليه دليل.
ولكننا نميل إلى ترك الإفاضة في هذه التفاصيل ، لأننا نستوحي من الآية التركيز على الملامح العامة للسلبيات التي ينتجها الفسق في تشوية شخصية