ودعا الناس إلى الوفاء بالعهد بقول مطلق : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) [الإسراء : ٣٤] وتحدث عن الصفات الإيجابية في الناس الذين يرضى عنهم فقال : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) [البقرة : ١٧٧] ، وقال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب:٢٣].
وهكذا نجد أن الله يريد جعل حركة الإنسان في الحياة ، حركة التزام بينه وبين خالقه ، وبينه وبين الناس ، وبينه وبين الحياة ، ليتحرك الإنسان من موقع الإحساس بالمسؤولية المنفتحة على كل خير في الحياة ، ليجد أمامه عهدا من الله بأن يتعهده بكل رحمته ولطفه ورعايته في الدنيا والآخرة ، مما يجعل لديه الطمأنينة الروحية والسكينة الحياتية ، ويبتعد عن الشعور باللامبالاة ، فهو الإنسان الملتزم بأن يقدم طاقاته كلها للناس وللحياة ، وأن يخضعها لإرادة الله تعالى الذي سخر الحياة له ، وعاهده بأن يحقق له ما يشاء في خط الحكمة ، والرعاية الربوبية ، في الدنيا والآخرة.
٢ ـ المحافظة على الروابط الروحية والاجتماعية ، فإنها تشدّ أواصر المجتمع وتجعله وحدة متماسكة بعيدة عن أي انقطاع وانفصام في ما يريد من النتائج أو من الأرباح ، مع الإيحاء ـ في مثل هذه القضايا ـ بخسارة الإنسان لوجوده مما تفرضه خصائص الوجود في الحياة. وقد تكون الخسارة في إيحاءاتها العملية في الارتباط بينها وبين الكفر ، باعتبار أنه يبتعد بالإنسان عن الإحساس بالهدف الكبير للحياة التي أودعها الله فيه ، وبالمسؤولية الكبرى في تفجير طاقاته الإنسانية في سبيل حاجات الحياة والإنسان الآخر ، بحيث يعيش التكامل في وجوده مع النظام الكوني والإنساني ، وهذا هو الذي يوحي به الإيمان بالله الذي يشعر معه الإنسان بأن طاقته ليست حالة ذاتية له ، بل هي أمانة الله عنده ، فلا بد له من أن يحركها في الاتجاه الذي يجعل من حركتها في