المفقودة في غيره. ولو كانت القضية كما يتوهم في المعنى الأول ، لما كان هناك أيّة حاجة لكل هذه التفاصيل ، فإن الخلافة عن الموجودات السابقة لا تحتاج إلى ميزة ذاتية أو ميزة عن الملائكة.
ونحن في ترجيحنا للمعنى الثاني ، لا ننكر ما ورد في الأحاديث من وجود خلق آخر ، فإن قضية وجوده وعدمه لا ترتبط بخلافته عنه وعدمها كما هو واضح. وقد تصلح هذه الأحاديث لأن تكون تفسيرا للسؤال المطروح في أكثر من مجال أمام هذا الحوار القرآني ، وهو من أين عرف الملائكة أن هذا المخلوق الجديد يسفك الدماء ويفسد في الأرض مع أنه لم يدخل مجال التجربة بعد؟
وتنوّعت الأجوبة بين جواب يفسر ذلك بدراستهم للخصائص المادية التي يتميز بها الإنسان من حيث إنه مخلوق أرضي تتوفر فيه كل سلبيات العنصر الأرضي في محدوديته وماديته ، مما يفسح في المجال لمثل هذه الممارسات السلبية ، وبين جواب يتحدث عن تجربة إنسانية سابقة من خلال بعض الموجودات السابقة المنقرضة ، وبين جواب يطرح القضية في اتجاه آخر لا يتحدث عن معلومات ذاتية حسية أو استنتاجية ، كما في الجوابين السابقين ، بل يتحدث عن إمكانية أن يكون الحوار ـ لو كان هناك حوار حقيقي ـ غير مذكور بتمامه ، بل يمكن أن تكون هناك جوانب أخرى للحوار لم يتعلق غرض بيانها في القصة على أساس الطريقة القرآنية التي تختصر القصة فلا تذكر كل التفاصيل ، بل تقتصر على الأشياء التي تتصل بالهدف الأساس فيها.
فربما كان الملائكة قد سألوا بعد إخبار الله لهم بجعل الخليفة ، عن خصائصه وأعماله وأدواره ، فأجابهم الله بما يحدث منه من قضايا لا تنسجم مع إرادته كقضايا الإفساد في الأرض وسفك الدماء ، فاستغربوا ذلك ، وسألوا عن الحكمة في ذلك ، فكانت معرفتهم مستمدة من تعريف الله لهم بذلك في إطار