سواء منها الموجودات العاقلة أو غيرها ، ولعل هذا ما توحي به طبيعة الجو الذي يحكم الموقف في هذه الآيات ، وينسجم مع مهمة الخلافة عن الله في الأرض التي أعد لها الإنسان ، وهي تفرض المعرفة الكاملة بكل متطلباتها ومجالاتها.
جاء في تفسير العياشي : عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام قال : سألته عن قوله الله : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ماذا علمه؟ قال : الأرضين والجبال والشعاب والأودية (١).
وجاء في تفسير الطبري عن ابن عباس ، قال : علم الله آدم الأسماء كلها ، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ، ودابة ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجبل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها (٢).
وهناك اتجاه في تفسير ذلك بأسماء الملائكة وأسماء ذريته دون سائر أجناس الخلق ، وهو الذي اختاره الطبري في تفسيره ، « وذلك أن الله جل ثناؤه قال : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ) يعني بذلك أعيان المسمين بالأسماء التي علمها آدم ولا تكاد العرب تكني بالهاء والميم إلا عن أسماء بني آدم والملائكة ، وأما إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق سوى من وصفنا فإنها تكنّي عنها بالهاء والألف أو بالهاء والنون » (٣). ولكن هذا الاتجاه لا يتناسب مع طبيعة الخلافة ، لا سيما إذا فهمنا من الآية أن آدم لم يكن هو الخليفة بشخصه بل بسبب تجسيده للنوع الإنساني كما استقربناه آنفا ، فإن معرفة أسماء الذرية والملائكة لا تقدم شيئا ولا تؤخر في الموضوع.
__________________
(١) نقلا عن : تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ١٢١.
(٢) الطبري ، ابن جرير ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، دار الفكر ، ١٤١٥ ه ـ ١٩٩٥ م ، ج : ١ ، ص : ٣٠٩.
(٣) م. ن ، ج : ١ ، ص : ٣١١.