وهناك نقطة أساسية في هذا المجال ، وهي أن اعتبار أيّ عمل من أعمال الإنسان عبادة لأي شخص ، يخضع للنية الدافعة له نحو العمل ، فإذا كان السجود خضوعا للإنسان أو للصنم ، كان ذلك عبادة لهما ، أمّا إذا كان خضوعا لله كما إذا كان بأمره له ـ تعالى ـ فهو عبادة لله وإن كان موجها للإنسان أو لشيء آخر ، وبهذا لا يعتبر تقبيل الحجر الأسود عبادة له ، لأن ذلك لا يتصل بالعظمة الذاتية للحجر ، بل بالأمر الإلهي الذي اعتبره رمزا من رموز القداسة وشعيرة من شعائر العبادة .. إنه أسلوب من أساليب عبادة الله التي شرع لنا فيها شعائر العبادة التي لا نملك أمر تغييرها ، ولكنها مهما اختلفت ، فهي موجّهة إليه وحده. وقد أكدت هذا المعنى بعض الأحاديث المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام.
فقد ورد في تحف العقول عن الصادق عليهالسلام قال : « إن السجود من الملائكة لآدم إنما كان ذلك طاعة لله ومحبة منهم لآدم » (١).
وفي قصص الأنبياء عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام : سجدت الملائكة ووضعوا جباههم على الأرض قال : « نعم ، تكرمة من الله تعالى » (٢).
وفي حديث الاحتجاج عن الإمام علي عليهالسلام « في ضمن حوار أهل اليهود » : أن سجودهم لم يكن سجود طاعة أنهم عبدوا آدم من دون الله عزوجل ولكن اعترافا لآدم بالفضيلة ورحمة من الله له (٣).
* * *
__________________
(١) نقلا عن : تفسير الميزان ، ج : ١ ، ص : ١٢٦.
(٢) م. ن ، ج : ١ ، ص : ١٢٦.
(٣) م. ن ، ج : ١ ، ص : ١٢٦.