ولكن الكلمة لا تدل على ذلك ـ بحسب الظهور ـ لأنه يكفي في صدق التلقي الإلهام من خلال الفطرة ، لأن كل شيء لدى الإنسان هو من الله ، تماما كما هي الهداية من الله ، وليس من الضروري أن يكون هناك علم سابق على التوبة ، بل قد تكون القضية هي إيحاء الله له بأن يتوب ويتراجع ليتوب الله عليه ، لأنه قد لا يكون عالما بذلك أو بأساليب التوبة.
هذا مع ملاحظة مهمة ، وهي أن الظاهر من الآية أن التلقي كان بعد المعصية ، ولم يكن في حال جعل الخلافة لآدم.
وإذا لاحظنا الأحاديث ، فإننا نرى أنها تتحدث عن مبادرة آدم للتوسل بهذه الأسماء من خلال تجربته النفسية ، أو ملاحظته الرؤيوية مما رآه مكتوبا في السماء ، أو مما شاهده من أشباح أهل البيت وأنوارهم.
ثالثا : إننا ناقشنا ما استفاده صاحب الميزان من كلمة الأسماء أن المقصود بها الموجودات الحية العاقلة المغيبة في غيب السموات والأرض.
وربما كان هناك مجال للجمع بين الروايات بأن آدم دعا ربه بما جاء في سورة طه متوسلا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل البيت عليهمالسلام.
ومهما كان الأمر ، فإن الله قد أبهم أمر هذه الكلمات ونكّرها ، للإيحاء بأن القضية هي قضية لطف الله بآدم في توجيهه نحو التوبة وتقريبه إليه ، للتدليل على كرامته عنده ، بخلاف إبليس الذي سلب الله عنه رحمته وأبعده عن مواقع القرب عنده ، فلنجمل ما أجمله الله ، ولنقف في التفاصيل على ما تثبت لنا حجيته ، لأن أمر تفسير كلام الله من القضايا الكبيرة التي لا مجال للتساهل فيها بالاعتماد على رأي واحد.
* * *