التي تمثل رحمة الله وغفرانه ليشفي غيظه وعقدته الذاتية من تفضيل الله لآدم وتكريمه.
(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) إن الأرض هي المجال الجديد الذي يتحرك فيه آدم من موقع التجربة الحية التي انطلقت في حياته بما يشبه الصدمة ، فهزت أعماقه وفجرت فيها الروح الجديدة الخاشعة لله ، فانطلقت تكتشف الآفاق الرائعة التي يمكن أن تفقدها إذا ابتعدت عن طاعة الله ، والآفاق التي يمكن أن تحقق لها الانسجام مع هواه ، فكانت التوبة يقظة الروح الخاشعة المنسابة في أجواء العبودية ، ليبدأ آدم من خلالها دوره الجديد في خلافته لله في الأرض ، من موقع الوعي والطهارة والشعور العميق بالمسؤولية ، والحذر من الألاعيب والملابسات التي يلعب من خلالها إبليس لعبة الإغراء والإغواء التي تهيئ أجواء الخطيئة لتنحرف بالإنسان عن دوره الأصيل ، ولم تكن التوبة حالة فريدة في التجربة الأولى لآدم ، بل كانت سبيلا عاما يلجأ إليه الإنسان لتصحيح نفسه كلما انحرف عن الطريق واستسلم لإغواء إبليس ، ليعيش الانفتاح على أجواء الطهارة في كل مجال يحس فيه بالحاجة إلى التطهّر.
وقد وصف الله تعالى نفسه في هذه الآية بأنه التوّاب الرحيم ، ليشعر الإنسان بعمق مبدأ التوبة وامتداده في علاقته بالله ، باعتبار أنها من صفات الله المرتبطة برحمته ، التي لا تنفصل عن حياة الإنسان ، ولذا تحدث الله عنها بصفة المبالغة التي تعني الكثرة. فقد خلق الله الإنسان وعرف أن غرائزه قد تثور وتنحرف وتقوده إلى غير ما يرضي الله ، فأراد أن يفتح للناس أبواب الرجوع إليه في كل وقت ، ليستقيموا على طريقه ، ويرجعوا إلى شريعته.
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا