ذلك من المفردات الطقوسية المتمثلة في السلوك الإسلامي العام. فقد اعتبر السلفيون ـ وفي مقدمتهم الوهابيون ـ أن هذه الأمور تمثل ألواناً من العبادة لغير الله ، وذلك من خلال ما تمثّله من الخضوع لهؤلاء ، الذي هو مظهر من مظاهر العبادة ، ولذلك كفّروا المسلمين الذين يمارسون هذه الأعمال ونسبوا إليهم الشرك بالله.
لكن جمهرة المسلمين من السنة والشيعة خالفتهم في ذلك من حيث المبدأ ، لأن مثل هذه الأمور لا تمثل معنى العبادة في طبيعتها إذا لم ينضم إليها الاستغراق الذي يحمل معنى التألّه ، في ما توحي به كلمة الشرك في العبادة الذي يرتبط بالفكرة التي ترى في الذات أو الصنم ، سرّ الألوهية بدرجة معينة ، قد تزيد وقد تنقص ، تبعا لما يمثّله الأشخاص الصنميّون في ذلك.
وإذا كان بعض السلفيين يوردون بعض الأحاديث الناهية عن زيارة القبور ، أو يفلسفون مسألة التوسل والشفاعة من خلال بعض العناوين والمفردات العقيدية أو الشرعية ، فإن المسألة تتحوّل إلى التوفر على دراسة هذه الأحاديث أو تلك التحليلات على أساس الحوار العلمي الكلامي أو الفقهي ، الخاضع للدراسة المعمّقة التي تضع الأمور في نصابها الصحيح. ولا بد لمثل هذا الحوار من أن يخضع للمنهج الإسلامي في مفرداته وأساليبه وروحيته القائمة على الرغبة في الوصول إلى الحقيقة ، لا في تسجيل النقاط في هذه الدائرة أو تلك على الطريقة الجدلية ، لأننا لاحظنا في كثر المطارحات الدائرة في هذه القضايا ، أنها كانت تتحرك من روحية متشنّجة لا من ذهنية منفتحة.
وفي ضوء ذلك ، نستطيع أن نتجاوز ذلك كله إلى النتائج العلمية الإسلامية القائمة على الأصول الثابتة من الكتاب والسنة الصحيحة.
* * *