عن الأمثال والأنداد ، فسبحانك لا إله إلّا أنت » (١).
إنها النظرة إلى واقع الخاضعين للأقوياء والأغنياء والمستكبرين الذين صغرت نفوسهم أمام مظاهر القوة والغنى والكبرياء ، وانسحقت حاجاتهم أمام مفردات القدرة لدى كل هؤلاء ، فانطلقوا نحوهم في عملية خضوع واستجداء ليمنحوهم العزّة من خلال عزتهم ، فازدادوا ذلّا بذلك ، أو ليقدّموا لهم الثروة من مواقع غناهم ، فازدادوا فقرا بذلك ، أو ليرفعوهم إلى مواقع السموّ والعلو ، من خلال علوّهم ، فازدادوا سقوطا وانحطاطا.
وهكذا كان هذا الواقع مصدر فكر للإنسان المؤمن الواعي ، الذي استطاع أن يعرف طريق الرشد والصواب ، ليختار السير فيه ، وليصل إلى النتيجة الحاسمة في توحيد الله على مستوى الألوهية والعبادة والمعونة. ومن خلال هذه التجربة الحيّة ، تنفتح للإنسان الواعي الباحث عن الحقيقة آفاق جديدة ، فيحرّكه الواقع من حوله ، ليكتشف فيها الكثير الكثير من صدق العناوين الروحية في العقيدة التي تطل على الحياة ، لتشير إلى الكثير من مفرداتها التي يتحرك فيها صدق العنوان في وجود المعنون ، وحقيقة المفهوم في واقع المصداق ، فلا يتيه الإنسان في أجواء التجريد الفكري ، بل يجد في كل موقع من مواقع الحياة بعض الحركة التي تتفتّح فيها كل مواقع الإحساس لديه بالصدق في الفكر والشعور ، الأمر الذي يجعلنا نشعر بأنّ الروح في معانيه العقيدية ليس غيبا من الغيب ، بل هو حالة في ضمير الحياة وإحساس الواقع.
* * *
__________________
(١) الصحيفة السجادية ، دعاؤه متفزعا إلى الله عزوجل.