معناها الروحي المتمثل بالتوفيق واللطف الإلهي الذي يثير في نفس الإنسان الأفكار والمشاعر والأجواء ، التي تفتح عقله وقلبه على الحق والخير في الالتزام بالخط الإلهي ، في النهج والأمر والنهي في دائرة الإيمان ، مضمونا وحركة وانفتاحا على الله في أوسع الآفاق. وبذلك ، تكون الهداية إلى جنّته نتيجة طبيعية لذلك ، لأن ذلك ما يجعل خط السير في الآخرة نحو النجاة مفتوحا بكل رحابته وامتداده ، لأن خطوط الآخرة في حركة الإنسان في سلامة المصير ، تبدأ من خلال المضمون الإيماني العملي في خطوط السير في الدنيا نحو الله.
إنه نوع من أنواع التطبيق العملي للاستعانة بالله ، لأن الإنسان قد ينحرف في تفكيره عن وعي الإيمان في حقيقته الرسالية ، فيضلّ عن طريق الله في تصوراته والتزاماته الفكرية والروحية ، كما أنه قد يخضع لشهواته وأهوائه في الابتعاد عن الخط المستقيم ، وفي عدم الانضباط في الالتزام بأوامر الله ونواهيه. وبذلك يلتفت الإنسان إلى ربه ليستعين به على تثبيت إرادته ، واستقامة فكره ، حتى لا يخطئ في تصوراته ، ولا ينحرف في خطواته ، ولا يهتزّ في مواقفه ، من خلال ألطاف الله بعباده ، في ما يثيره في داخل شخصياتهم من المعاني الخفيّة التي تدفعهم إلى خط السلام الروحي المنفتح عليه. فهي مرشدة ـ في الخطوط الحركية ـ الإنسان إلى الطريق المستقيم حتى لا يشتبه عليه الحق والباطل ، ولا تختلط عليه صور الأشياء في ما يبتعد عنه وضوح الرؤية.
ولعلّ هذا الوجه أكثر رجحانا من التفسير القائل بأن المراد استمرار الهداية التي بدأها الله في ما هو الخط التكويني في عناصر الهداية ، أو في ما هو الخط الرسالي في مضمون الهداية ، لأن ذلك خلاف الظاهر ، فإن الظاهر منه هو إرادة المبدأ ، الذي يراد من الله إفاضته على عباده لا استمرار ما هو موجود. وهكذا نجد في هذا الطلب الإنساني الابتهالي حركة روحية عباديّة تعبّر عن الرغبة العميقة في الوصول إلى الله من خلال طريقة المستقيم ، انطلاقا