المتكررة التي أبرزها القرآن لهؤلاء الناس في نقضهم الميثاق ، وقتلهم الأنبياء بغير حق ، وكتمانهم لما أنزله الله من الحق على رسوله في كتابه ، ونحو ذلك من القضايا التي تجعلهم يستحقون غضب الله عليهم ؛ بينما كان النصارى متميّزين بالصفات الطيّبة ، باعتبار أنّهم أقرب الناس مودّة للذين آمنوا (ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) [المائدة : ٨٢] ، وأنهم (وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) [المائدة : ٨٣] حزنا ، ولكن مشكلتهم أنهم انحرفوا عن الرسول فلم يؤمنوا به ، وأنّهم قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة ، ونحو ذلك من التصورات الخاطئة في العقيدة ، ولم يتحدث عنهم بطريقة قاسية كالطريقة التي تحدث بها عن اليهود الذين هم أشدّ عداوة للذين آمنوا ، بالإضافة إلى المشركين.
ومن خلال ذلك ، نستطيع أن ننفتح على التيارات الفكرية المضادة للإسلام التي يمكن إدراجها تحت عناوين دوائر المغضوب عليهم والضالين ، تبعا لنوعية الحالة النفسية ، والسلوك العدواني ، بالإضافة إلى الخطأ والانحراف في العقيدة.
وهذا ما ينبغي للدعاة إلى الله أن يواجهوه في خط التربية في توعية الناس حول المناذج المضادّة للتفكير الإسلامي ، فلا يكون الموقف واحدا ، بل لا بد من أن نفرّق بين الحالات العدوانية التي تتحول ـ في بعض الأحوال ـ إلى حالة عنصرية ، وبين الحالات العادية في الخلاف الفكري التي يمكن أن تتحول إلى حالة من اللقاء القائم على مواطن الاتفاق ، ليكون ذلك مدخلا إلى الحوار في مواطن الخلاف ، الذي يفضي بدوره إلى نوع من الوفاق في غياب الحالة النفسية المتشنّجة المعقدة.
* * *