موسى عليهالسلام يؤكد نبوّته
(وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) فقد أرسلني الله لأبلغكم وحيه ، وأقودكم إلى هداه ، وأدعوكم إلى السير على نهجه وشريعته (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) وإذا كان الله قد اختارني لرسالته ، فمن الطبيعيّ أن أكون في موضع الثقة عنده ، وأن أرتفع إلى مستواها ، فأكون جديرا بالموقف الصادق الذي يجعلني ألتزم بالحق كما أنزله الله ، فلا أقول غيره. (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ، فلست مدّعيا يكتفي بالدعوى في تأكيد موقفه ، فلديّ بيّنة على ما أدّعيه ، ولكم أن تفكّروا فيها وتناقشوها ، وإن كنت أعتقد أنها لا تحتاج إلى تفكير لوضوح مضمونها ومدلولها.
* * *
موسى عليهالسلام يسعى لتحرير بني إسرائيل من قبضة فرعون
(فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، هؤلاء الذين يعيشون الاضطهاد والاستعباد والذلّ والقهر ، فلا يملكون إرادة الحياة بما تفرضه من حركة الاختيار وتقرير المصير ؛ الأمر الذي جعلهم يتبلّدون ويتصاغرون ويستسلمون للأمر الواقع ، دون أدنى تفكير في التغيير ، لاعتقادهم أن الظلم هو القضاء الذي لا يتبدل ، والقدر الذي لا يتغيّر ، على أساس أنه إرادة الله. وقد جاءت رسالة الأنبياء من أجل تحرير الإنسان من هذا الواقع الاستعباديّ الاستضعافيّ ، ليعيش حريته ، ويمارس قوّته ، ويتحوّل من عنصر منفعل بإرادة الآخرين ، إلى عنصر فاعل من خلال إرادته الحرّة القويّة ... وهذا ما أراده موسى عند ما طلب من فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل ، ويرفع يده عنهم ويتركهم وشأنهم في ما يتصرفون به