الذين من قبلهم ، وجاءت بهؤلاء إلى السلطة ظروف موضوعية هيّأت لهم وراثة الأرض ، وسيزولون كما زال غيرهم ـ إن آجلا أو عاجلا ـ ويبقى الأمر كله لله ... (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) تبعا لتطور مراحل التاريخ التي تنقل الحكم من جيل إلى آخر ، ومن فئة إلى أخرى ، فقد ينتصر الظالمون في معركة ، وقد ينهزم المستضعفون في أخرى ... وهكذا تتحرك سنة الله في الكون على أساس حكمته وتدبيره في ربط المسبّبات بأسبابها ، ولكنّها مجرد مراحل تبدأ وتنتهي دون عمق وامتداد.
* * *
العاقبة للمتقين
(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) الذين يجسّدون إرادة الله في إصلاح أمر الحياة في الحكم والشريعة والعقيدة ، على قاعدة صلبة تؤكد للإنسان مفاهيمه الواسعة الثابتة ، وأوضاعه المستقيمة الهادفة ، وتتحرك التقوى في داخله لتستوعب ذلك كله في خطّة حكيمة ممتدة ، يحكم مراحلها الوعي والصدق والأمانة والإخلاص ... وهكذا يريد الله من المؤمنين أن يعملوا على السير في خط التقوى في حياتهم ، من أجل أن يجعلوا من أنفسهم القيادة الواعية الملتزمة التي تتحمل الصعاب والمشاق والتحديات بروح قويّة صابرة ، لأن مسألة حكم الأرض ، في مواجهة التيار الكافر الضاغط ، ليست مسألة كلمات تقال ، وليست انفعالا يتشنّج ويصرخ ، أو عبادة تبتهل وتخشع ، ولكنها المواقف التي تفكّر وتتقدّم وتصبر وتواجه التحديات بروح العزيمة والقوة ، وبإرادة الإيمان والإخلاص الباحث دائما عن لطف الله وروحه ورضوانه في كل خطوة من خطوات الطريق.
* * *