انهزاميّة قوم موسى عليهالسلام
ولم يكن قوم موسى قد بلغوا هذا المستوى من الوعي الذي يفهم معنى المرحلة في خطّ الهدف ، ومعنى الصبر في الوصول إلى الغاية ، ومعنى التوكل على الله في الانطلاق نحو غيب المستقبل بقوة ، فكانوا يتألمون مما يلاقونه من آلام بعد أن ساروا مع موسى ، ويرون أن الحال لم يتغير ، فقد كانوا يعيشون الآلام من قبل موسى ، وها هي الآلام تمتد بهم معه ، فما ذا انتفعوا به؟ فلا تزال المشكلة هي المشكلة والواقع هو الواقع. (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) إنه منطق الضعفاء الذين لا يعرفون معنى حركة القوة في الداخل من أجل تنمية روح التحدي في الواقع ، فهم لا يتعاملون مع القضايا التي يعيشونها من موقع العلاقة بالأهداف البعيدة للحياة ، بل يتعاملون معها من موقع المشاعر والانفعالات في ما تختزنه من هموم وآلام. إنهم يعيشون في جوّ الإحساس دون التفكير في مضمون المشكلة ، إذ يجب أن يعرفوا أن هناك فرقا بين الإيذاء الذي يتعرض له الإنسان وهو لا يحمل قضيّة ، فيزيده الأذى شعورا بالانسحاق ، لأنه يحجز إحساسه بالألم الذي لحق به في اللحظة الحاضرة ، وبين الإيذاء الذي يتعرض له وهو يحمل قضية ويتحرك من أجل رسالة ، فيزيده الأذى شعورا بالقوّة ، لأنه يضاعف معنى التحدّي في مشاعره وأحاسيسه في عمليّة إيمان بالقضية الكبيرة التي لا بدّ لها أن تستمر لتحل المشكلة من جذورها بعيدا عن كلّ عوامل التخدير ...
* * *
موسى يزرع الأمل في قلوب قومه
ولهذا ، فإن مثل هذا الاتجاه لا يرتاح لعملية التهدئة ، بل ينطلق دائما في