واللمعات والإشارات التي تثير في داخل الإنسان الكثير من الأفكار ، وترسم الكثير من علامات الاستفهام حول القضايا المتصلة بالله وبالآخرة وبالمسؤولية في قضية المصير وتتحدث عن هؤلاء الذين لا يعلمون.
* * *
بعض الناس عن الآخرة غافلون
(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) في ألوانها وزخارفها ومظاهرها ولذائذها وشهواتها وأوضاعها وامتيازات الناس الظاهرة فيها ، ولكنهم لا ينفذون إلى عمقها ليعرفوا ما في داخلها من آلام وأحزان وقبائح وأشجان ، وليتلمسوا كيف يواجهون الأفراح المختلطة بالأحزان واللذات الممتزجة بالآلام والورود المحاطة بالأشواك ، ليعرفوا أن المسؤولية التي يخضع الإنسان لها في حياته ، هي التي تجعل لهذا المزيج معنى معقولا وروحا طيّبة ، تكون الحياة من خلالهما ذات معنى يلتقي بالأهداف الكبيرة للإنسان ، وذلك هو الذي يتمثل بالوعي الكامن في فكرة الآخرة ، كعقيدة ومصير ونهاية ، ولكنهم لا يفهمون ذلك كله ، لأنهم يستغرقون في الجانب الظاهر من الحياة الدنيا. (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) لأنهم لا يلتفتون إلا إلى الجانب المادي الذي يتصل بالقضايا بشكل مباشر ، ولا يتطلعون إلى الجوانب الروحية الكامنة في معنى الغيب الذي يطل على آفاق الله الرحبة الممتدة التي تتجاوز الدنيا إلى الآخرة ، لتأخذ من فناء الدنيا فكرة الخلود للآخرة. وهكذا تحجبهم شواغل الحياة الدنيا عن التفكير في الآخرة ، وفي المسؤولية التي تختزنها في معناها الداخلي ، وإذا كف الناس عن تحريك الفكر في اتجاه المعرفة ، وعن إثارة المعرفة في أجواء الإيمان ، فإنهم سوف يفقدون التوازن في الموقف ، ويبتعدون عن الخط المستقيم في الحياة ، ولهذا جاءت الآيات المتتابعة لتدعوهم إلى التفكير في كل شيء.
* * *