الواقعي الذي لا يقترب من المثال ولكنه لا يلغيه من حساباته الروحية ، وفي أساليبه التي يحركها بالحكمة والجدال بالتي هي أحسن ، والدفع بالتي هي أحسن ، والانفتاح على روح الإنسان وعقله في حركة العلاقات في دائرة الصراع ، ثم هو قبل كل شيء وبعد كل شيء ، الروح الصافية العميقة المنفتحة التي ترى الله في كل شيء ، وتتعامل معه على أساس أنه كل شيء في الحياة ، فلا شيء إلا وهو خالقه ، ولا نعمة إلا وهي منه ، ولا حمد إلا وهو مستمد من حمده ، ولا إله إلا هو ، وهو أكبر من كل شيء ، وبذلك تتوحد العقيدة في وحدانيته ، وتتجه الحياة كلها إليه من موقع الوحدانية (إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الذين يعرفون قيمته في إصلاح نفوسهم وحياتهم في ما يفتح قلوبهم على الإيمان بربهم الذي يرحمهم في كل ما يؤدي بهم إلى الفلاح والنجاح ، أمّا غير المؤمنين ، فإنهم لا يتقبلون الرحمة الإلهية ، بل يرفضونها برفضهم للإيمان بالله الذي يفتح أمامهم كل أبواب الخير في الدنيا والآخرة.
* * *
كفى بالله شهيدا
(قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) فهو الذي يشهد لي بأني قد صدقت في ما بلغته عنه وهو الذي يظهر الحق الذي أحمله في وحيه المنزّل ، بكل وسائله الخفية والظاهرة ، وليست المشكلة أنكم تكذبونني ، فإن ذلك سوف يسقط في المستقبل أمام قوّة الدعوة ، ولن يضعفني ذلك ما دام الله معي ، وهو الشاهد على الأمر كله (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلا يخفى عليه شيء فيهما ، وقد أحاط بكل شيء علما (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ)