حدود طاعة الوالدين
(وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي إذا حاولا ممارسة كل صنوف الضغوط النفسية والمادية عليك لحملك على الخروج من الإيمان إلى الكفر (فَلا تُطِعْهُما) لأن الطاعة في أيّ موقع من مواقعها ، لا بد من إخضاعها للقناعة بطبيعة الفعل أو الموقف من حيث الإدراك الواعي للمعاني الحقيقية في ذاتهما ، التي تفرض على الإنسان القيام بهما ، أو الإيمان بالجهة الآمرة في ما تملكه من حق الطاعة عليه في معنى الإيمان ، كما في طاعة الله التي تنطلق من موقع عبودية الإنسان له ، وهذا مما لا يتوفر في مسألة الوالدين اللذين لا يملكان هذا الحق ، لأن الولد ليس عبدا لوالديه.
وقد يكون التنصيص على الشرك ، مجرد نموذج لكل المواقف التي تتعارض مع أمر الله ونهيه ، في ما يريدان منه الانحراف عنه ، أو التي تتعارض مع ما يحبه الله ويرضاه ، حتى في الأمور المستحبة عند ما يرفضان منه القيام بها ، انطلاقا من بعض العقد النفسية التي يحملانها ضد ذلك كله.
(إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في خط الشرك ، وفي خط التوحيد ، في ما يفرضه الخط الأول من عذاب النار وغضب الله ، وفي ما يفرضه الخط الثاني من نعيم الجنة ورضوان الله ، ولذلك فلا بد لكم من التفكير في الموضوع من وحي الشعور بالمسؤولية ، بعيدا عن التأثر بالانفعالات الذاتية. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) لأن ذلك هو مجتمعهم الذي عاشوا في داخله في الدنيا عند ما كانوا جزءا من المجتمع المؤمن الصالح الذي يطيع الله ورسوله ويجاهد في سبيله ، وسيكونون في الآخرة جزءا منه عند ما يدخل الله الصالحين في جنته ، ويفيض عليهم من رحمته.
* * *