الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ويفكرون بعقولهم ، لأنه لا يملك أساسا ، ولا يدفع حرّا ولا بردا ، ولا يمنع من شيء ، فالشوكة تمزقه ، والريح تنسفه. وهكذا هو موقع هؤلاء الأولياء من دون الله ، فهم لا يرتكزون على أيّة قوّة ذاتية من أيّة جهة من الجهات ، فلا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا وحياة ولا نشورا ، فكيف يملكونه لغيرهم. وإذا كان الأمر على هذا المستوى ، فقد تأخذ القضية طبيعة القاعدة العامة التي تشمل كل جوانب الحياة ، في كل مواطن الولاية التي يركن الناس فيها إلى بعض الأشخاص الذين لا تلتقي ولايتهم بولاية الله والرسول ، بل تلتقي بمواطن الكفر والضلال ، في ما تتخذه لسيطرتها من مواقع ووسائل وأهداف.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) ويعلم طبيعته ، ولا يجهل أمره ، لأنه هو الذي خلقه ، وهو الذي يدبّره ، ويمنحه ما يحتاج إليه في ما هو شرط امتداد وجوده ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي لا يغلبه شيء ويتقن تدبير خلقه بأفضل طريقة ، وأحسن تدبير.
* * *
الغاية من ضرب الأمثال
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) ليتفهموا حقائق الأمور من خلالها ، لأنهم يعرفون الأشياء ـ غالبا ـ بنظائرها ، فلا يرتبطون بها ارتباطا مباشرا في آفاق المعرفة ، ولكن الأمثال تحتاج إلى فكر يتعرف طبيعتها ، وإلى عقل يكتشف آفاقها ، لتتسع الفكرة في وعي الإنسان ، ليرتفع إلى مواطن السموّ في رحاب العقيدة الصافية.