الأسماع ، ثم ينتهي كل شيء ، بل هي قراءة تركز الفكرة ، وتبلور العقيدة ، وتتحرك في اتجاه العمل. ولهذا فإن القضية تحتاج إلى ملاحقة للناس في ما قرأه عليهم ، وتدقيق في ما أخذوا به منه.
وإذا كان النبي مسئولا عن تلاوة وحي الكتاب على الناس ، فإن الدعاة من بعده مسئولون عن ذلك ، لأن قضية الدعوة مسئولية النبي والمسلمين معه ، ومن بعده ، لأن الإسلام لا يمتد إلا بهذه الروح ، ولا ينمو إلا بهذه الطريقة.
* * *
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ)
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ) التي تعيش في داخلها الحضور الإلهيّ في نفسك وفي حياتك ، فتزداد ارتباطا به ، وإحساسا بوجوده ، وخشوعا له ، وإطاعة لأوامره ونواهيه ، لأن مشكلة الكثيرين من الناس الذين يؤمنون بالله ، أنهم لا يحسون بحضوره في حياتهم ، بل يفكرون به ، كأيّة معادلة عقلية تعيش في أفكارهم ، كحالة ذهنية مجردة ، لا كإحساس شعوري نابض بالحياة ، ولهذا يغيبون عن ذكره ، ويغيب في وجدانهم عن عمق الوعي في شخصيتهم ، فلا يترك الإيمان في داخلهم أيّ أثر ، ولا يثير فيهم أيّ شعور حيّ. وهنا يأتي دور الصلاة ، في وقفة الإنسان المتكررة اليومية بين يدي الله ، وذكره له وحديثه معه ، وركوعه وسجوده بين يديه ، وخشوعه في سبحات الدعاء أمامه ، مما يجعله يشعر به كما لو كان معه ، في ما يشبه إحساس النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في ليلة الهجرة بأن الله معه ، (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠] مما جعله يشعر بالأمن والسكينة والاطمئنان ، كما لو كان الله وجودا قوّيا حسيا معه.
وإذا كان للصلاة هذا الدور الكبير في الشعور بحضور الله في وعي الإنسان ، فإن من الطبيعي أن يكون لها الدور العظيم في صنع الشخصية