وذلك في ما حدثنا الله به عن إبراهيم في قوله تعالى : (قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ) [الأنبياء : ٥٣] ، وفي قوله تعالى : (أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ* قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) [الشعراء : ٧٣ ، ٧٤].
ولعلّ هذا هو الذي جعل الكثير من الأمم تعتز بتراثها القومي على أساس طبيعة الارتباط العاطفي بالأرض واللغة المشتركة التي ينتمي إليها هؤلاء ، بحيث يكون لذلك أثر كبير في تقديس المضمون التراثي بعيدا عما إذا كان حقا أو باطلا.
وهكذا أراد إبراهيم أن يؤكد لهم الأساس اللّاعقلاني الذي لا يملك أيّ ثبات في حركة الحقيقة ، في ما يركزون عليه عقيدتهم وعبادتهم ، ليدعوهم إلى تحكيم العقل في ذلك ، لأن العقيدة القائمة على المودّة سوف تتبدّل نتائجها إذا تبدلت المودّة وتحوّلت إلى عداوة ، مما يجعل كل فريق يلقي المسؤولية على الفريق الآخر.
* * *
الكفار يكفر بعضهم ببعض
(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ) عند ما يكفر بكم هؤلاء الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله ، ويتبرءون منكم ، كما قال الله سبحانه : (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم : ٨٢] ، وقوله تعالى (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) [فاطر : ١٤] ، (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) فتتراشقون باللعن في النار كما قال سبحانه : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) [الأعراف : ٣٨].
(وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) لأن ذلك هو الجزاء الإلهي