ليتركوا النهج السيئ الذي يسيرون عليه ، وليس الجوّ هو جو الحديث عن العذاب ، بل إن ذلك لا حقّ للآية في ما يأتي من الآيات الأخرى.
* * *
أحوال المجرمين يوم البعث
(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فكيف تكذبون بآياته ، ورسله الذين يدعونكم إلى الإيمان بهذه الحقيقة ، التي تؤكد لكم البعث والوقوف غدا بين يدي الله لمواجهة اللحظة الحاسمة في موقف الحساب. (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) التي تنتظر الناس بعد موتهم ليواجهوا من خلالها الموقف الحاسم الذي تتحدد فيه نتائج المسؤولية ، (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) والإبلاس هو اليأس عن فلا يجدون مجالا لأيّ أمل بالحصول على رحمته ، والنجاة من عذاب الله ، لأنهم لم يتركوا أيّ موقع في حياتهم الدنيا للرحمة ، ولم يقوموا بأيّ عمل للإنقاذ ، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ) في ما كانوا يتخذونه من شركاء لله في العقيدة أو في العبادة ، انطلاقا مما كانوا يعتقدونه فيهم من أسرار القوّة ومواقع السرّ الخفي في ما تختزنه الأشياء من معاني الغيب في أوهام الكافرين. فها هم يرونهم لا يملكون شيئا من المكانة التي ينطلقون فيها للشفاعة التي كانوا يأملون بها في أدنى الأحوال ، ليقربوهم إلى الله زلفى ، ولذلك يصل بهم الأمر إلى الكفر بهم عند ما يتعرفون إلى الحقيقة الحاسمة في ذلك ، (وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) عند ما يقفون معهم ، في موقف واحد ، فيتبرأ كل فريق من الآخر.
* * *