عذاب الكافرين لأجل مسمى
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) الذي وعدتهم به ، (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) لأن المسألة ليست مسألة المشاعر الانفعالية التي يثيرونها في نفسك ، لتكون الاستجابة منّا ردا على ذلك ، فنحن قادرون على إنزال العذاب عليهم ، تماما كما ننزل عليهم المطر من السماء ، ونثير في أجوائهم العواصف. ولكن المسألة هي أن الله قد جعل الحياة خاضعة لنظام دقيق في حركتها الكونية ، وفي تنظيم أمور الناس ، في استجابتهم للرسالة ، وفي إنكارهم لها ، في ما هو الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة ، إذ القضية لا تخضع لاقتراحات المقترحين ، ولا ينزل الله العذاب قبل الأجل المحدد له. ولكن لا بد لهم من أن يفهموا كيف تتحرك بهم المفاجآت ، فقد يأتيهم أمر الله من حيث لا يحتسبون (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في ساعات لهوهم وعبثهم وشغلهم واسترخاء الحياة من حولهم.
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) ولكن كيف يفكرون بهذه الطريقة ، أو لم يعلموا أنهم إذا لم ينزل عليهم العذاب في الدنيا ، لأن الله لم يرد لهم ذلك ، فإن هناك عذابا أدهى وأعظم من ذلك ، (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) فلا تترك لهم مجالا للهروب وللخلاص ، بل ستطبق عليهم من كل جهة (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فقد تحوّلت هذه الأعمال إلى ألوان من العذاب الذي جعله الله جزاء لكل الكافرين به والمنحرفين عنه.
* * *