وله حمده الخاص له تعالى ، وذلك في ما استودعه فيه من إبداع وإتقان وجمال وتدبير وتصريف لشؤون وجوده منطلقا وحركة ومصيرا ، وليكون الحمد بذلك ـ إلى جانب التسبيح ـ هو الجوّ الذي يحكم حركتكم في بداية النهار وفي بداية الليل ، (وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) وذلك في منتصف الليل ومنتصف النهار ، ليكون التسبيح والتوحيد شاملين للزمن كله ، ليؤدي بكم ذلك إلى الاستغراق في جوانب العظمة ، كمدخل للاستغراق في طاعته.
وهناك تفسير آخر لصاحب الميزان يختلف بعض الشيء عما ألمحنا إليه ، فقد ذكر : «أن التسبيح والتحميد في الآيتين إنشاء تنزيه وثناء منه تعالى لا من غيره ، حتى يكون المعنى : قولوا سبحان الله ، وقولوا الحمد لله ، فقد تكرر في كلامه تعالى تسبيحه وتحميده لنفسه ، كقوله : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) [الصافات : ١٨٠] وقوله : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) [الفرقان : ١]» (١).
أمّا تعليقنا عليه ، فهو أن هذا الذي ذكره صحيح في نفسه ، ولكن توجيه الخطاب إلى الناس بقوله : (حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) إلى قوله (وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) ، قد يجعل المعنى الذي ذكرناه أقرب مما ذكره ، في ما قد يظهر منه أن المراد هو توجيه الناس إلى ممارسة تسبيحه وتحميده ، والله العالم.
* * *
يخرج الحي من الميت
(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) فهو الذي يهب الحياة
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ١٦٦.