الشمس من إشراق النور ، وهي التي أكدها القرآن في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأحقاف : ١٣] مما يوحي بأن التوحيد هو القاعدة التي يرتكز عليها الدين ، وتنطلق منه كل الخطوط العريضة في حركة الإنسان في الحياة الباحثة عن الله في الأعماق ، وفي مدارج السموّ ، وفي خط الامتداد.
(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) لأن الفطرة هي أساس الشخصية التي تبقى في سرّ وجود الإنسان ، مهما تغيرت أوضاعه ، أو امتدت سنوات عمره ، أو اختلفت مواقعه ، فهي الشيء الوحيد الذي لا يتبدل فيه ، وهي التي تحقق في داخله معنى الوجدان ، وهي وحدها التي يكتشف من خلالها وجود الله ووحدانيته وعبوديته له ، وخضوع الحياة لإرادته ، فإذا أحاطت بها الظلمات والتهاويل ، فإنها تستطيع أن تشرق من جديد لتشق كل حجب الظلام عن العقل ، وكل تهاويل الضلال عن الوجدان ، ليعود الإيمان صافيا كالنور طاهرا كالينابيع ، منفتحا كالأفق الرحب في موعد الشروق ، وبذلك كانت هي الضمانة الوحيدة للإيمان بالله ، أمام كل إشكالات الواقع ، وشبهات الإلحاد.
* * *
قيمومة الدين
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) الذي جاءت به الأنبياء ، لتكون الحياة كلها لله في مواجهة كل الآلهة المزعومة التي أرادت أن تكون سلطتها هي الهيمنة على الناس ، في ما تثيره من الأوهام ، وتخطط له من الأضاليل ، وتتحرك به من الخطوات في اتجاه الفساد والإفساد ، فكان التوحيد هو الذي يواجه ذلك كله بالقوّة الفكرية والعملية ، وهو الدين القيّم الذي يملك القيام على شؤون الحياة والإنسان ، فيرعاهما بالشريعة السمحة التي تنطلق من وحي الله لتتجه