وقد جاء في الكافي ما ربما يؤيد التفسير السابق الذي ناقشناه ، بإسناده عن أبي زيد الحماد عن أبي عبد الله «جعفر الصادق عليهالسلام» في حديث نزول الملائكة على إبراهيم بالبشرى قال : فقال لهم إبراهيم : لما ذا جئتم؟ قالوا : في إهلاك قوم لوط فقال لهم : إن كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل لا ، قال : فإن كان فيها خمسون؟ قال : لا. قال : فإن كان فيها ثلاثون؟ قال : لا ، قال : فإن كان فيها عشرون؟ قال : لا. قال : فإن كان فيها عشرة؟ قال : لا. قال : فإن كان فيها خمسة؟ قال : لا. قال : فإن كان فيها واحد؟ قال : لا. قال : فإن فيها لوطا؟ قالوا : نحن أعلم بمن فيها لننجينّه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. قال الحسن بن علي عليهالسلام : لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم وهو قول الله تعالى : (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(١).
* * *
نزول العذاب على قوم لوط
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) فقد كانت زيارتهم له في مستوى المشكلة الكبيرة الصعبة التي تواجهه ، في موقف لا يملك فيه القوّة ، لخوفه من الاعتداء عليهم من قبل قومه ، لأنهم جاؤوا في صورة شبان حسان الوجوه ، كما يقولون ، وهو لا يستطيع الدفاع عنهم ، مما أوجب ضيق صدره وطاقته عن الاحتمال ، ومساءته في نفسه ولم يتركوا له المجال الطويل ليعيش هواجسه الخائفة القلقة الحزينة.
(وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ١٣٢.