رَحْمَةً فَرِحُوا بِها) وهي الظاهرة التي يعيش الناس فيها الرحمة في أجواء العافية والرخاء ، حتى يستسلموا للأمل الكبير في استمرارها ودوامها ، ويعيشوا النشوة اللذيذة في الأحاسيس الحلوة التي تثيرها في حياتهم حيث لم يدرسوا واقع الحياة المتغير الذي لا تثبت فيه الأمور على حال من الأحوال ، ليعرفوا أن العافية قد تختزن في مستقبلها البلاء ، وأن الرخاء قد يتحوّل إلى الشدّة ، فيدهمهم عندها البلاء في هزة عاصفة تفاجئهم من حيث لا يدرون أو يتوقعون.
* * *
القنوط عند الضيق والبلاء
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) في ما يمكن أن تتحول إليه أعمالهم وعلاقاتهم وأوضاعهم المنحرفة السيّئة ، إلى مشاكل ومصائب وأحزان وآلام ، على أساس أن الله ربط النتائج السلبية التي تعرض للإنسان في الدنيا بالخصوصيات الكامنة في ممارساته العامة والخاصة ، تماما كما ربط النتائج السلبية في الآخرة بالواقع السلبي في الدنيا ، مع فارق بارز بينهما ، وهو أن الارتباط بين المقدمات والنتائج في الدنيا عضويّ تكوينيّ ، بينما هو في الآخرة حكم إلهيّ جزائيّ.
وهكذا يندفع الإنسان ليواجه نتائج أعماله المنحرفة في الدنيا ، فلا يصبر ولا يفكر ، ليواجه الموقف من موقع إرادة التغيير وحركة التصحيح ، بل يعمل على أن يسقط تحت تأثير انفعالاته السلبية اليائسة ، لأنه لا يملك القاعدة الفكرية الإيمانية التي يرتكز عليها في موقفه ، ليتحرك شعوره من خلالها في عملية تماسك وتوازن وثبات.
وفي ضوء هذه الحالة الإنسانية المهتزة ، كان هؤلاء الناس الذين إذا