(وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) يؤدي إلى اصفرار الزرع بعد خضرته بفعل المؤثرات التي يتأثر بها من خلال الريح الباردة التي تقتل الزرع بفعل الصقيع ، (لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) لأن مسألة الإيمان ليست فكرا مستقرا من خلال القناعة الوجدانية الثابتة القائمة على التأمل في مواقع العقيدة ومصادرها ، بل هي انفعال متحرك متزلزل بالأوضاع الخارجية المتصلة بحياتهم في ما ينزل عليهم من رحمة ، أو يصيبهم من نقمة. وتلك هي مشكلة الكثيرين من الناس في انفعالهم بقضايا العقيدة والرسالة ، حيث تتغير مواقفهم تبعا لتغير النتائج المرتبطة بتأثيرات الموقف على مصالحهم وانفعالاتهم ، فيقفون معها إذا جرت الأمور بما يشتهون ، ويبتعدون عنها ، بل يتعقّدون منها ، إذا اهتزت مصالحهم الخاصة ، وتأثرت شهواتهم الجامحة. وهذا هو الذي يجب أن يدرسه العاملون في حركة الإيمان في ساحة الانتماء والواقع.
* * *
لا تسمع الموتى ولا الصم
(فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) الذين لا يملكون حسّ الانفعال بما حولهم من الأحداث والأقوال والأفعال ، وإن كانوا يملكون نبض الحياة في أجسادهم ، لأنهم في غيبوبة عميقة عن كل قضايا العقيدة والواقع المتصل بالرسالة ، لاستغراقهم في شهواتهم ، حتى أنهم لا يحسّون بشيء آخر غيرها.
(وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ) الذي تدعوهم فيه إلى الإيمان أو التفكير أو الحوار ، لأنهم فقدوا إرادة الوعي ، فرفضوا الانتباه إلى الكلمات المنطلقة من وحي الله وأغلقوا آذانهم عن ذلك كله ، مما جعل عندهم نوعا من الصمم