الله خلق السموات والأرض
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) ومن أودع فيهما حكمته وقوّته ومواطن الرزق في تدبيره ، ومن أبدع الظواهر الكونية والسنن الإنسانية في حركتهما حتى استطاع الإنسان أن يطمئن للحياة فيهما بكل طمأنينة وراحة ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) ليعطيا الحياة الإشراق والدفء ، ويمنحاها عناصر الامتداد في ما يتحركان فيه من نظام دقيق يعطي الإنسان توازنه من خلالهما (لَيَقُولُنَّ اللهُ) فهو الخالق والمدبّر والمسخّر. وتلك هي الحقيقة الفطرية العميقة التي تفرض نفسها على قناعاتهم ، لأنهم لا يرون أيّة قوّة أخرى ممّن حولهم جديرة بأن تكون هي التي تفعل ذلك كله ، باعتبار أن كل القوى حادثة مفتقرة إلى من يعطيها سرّ الوجود وسرّ الحركة والامتداد فيه ، كما أنهم لا يرون أن الحياة يمكن أن تنطلق بعيدا عن الخالق ، لأنها لا يمكن أن تخلق من لا شيء أو تخلق نفسها. ولهذا فإن حضور الله في الكون ، هو الحضور القويّ الذي يفرض نفسه على الفكر والوجدان والحياة.
وإذا كان هذا هو الجواب فكيف يتصرفون هذا التصرف المضادّ للحقيقة ، (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي يصرفون عن الحق ، ويبتعدون عن الالتزام بنهجه في إطاعة أمر الله ونهيه ، وفي الاعتراف بأن الله هو وحده مصدر كل شيء في الوجود ، فلا شيء إلا وهو مخلوق له ومستمدّ منه.
* * *
الله يبسط الرزق ويقدر
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) فهو الذي ينظم حركة الرزق وكميته ونوعيته وتوزيعه للناس فيوسع على جماعة لأن الحكمة تقتضي ذلك ، ويضيق على أخرى ، انطلاقا من الحكمة الخفية التي لا يعلمها إلا هو ، وقد