ولهذا ، فإن الله قد يمهل الإنسان في غيه وكفره ، ولكنه لا يهمله ، بل يهيئ لعباده الصالحين أكثر من فرصة داخلية وخارجية للانتصار على الكافرين ولو بعد حين ..
ثم قد تحقق المسألة لهؤلاء في بعض المواقع انتصارا في الدنيا ، ولكن ما ذا بعد الموت ، فهل يسبقون إرادة الله في ذلك؟ ومن الذي يحميهم من الله؟ ولكن ، كيف يفكر هؤلاء ، وبما ذا يحكمون ، هل ينطلقون من قاعدة ، أو يتحركون من فراغ؟ ساء ما يحكمون.
* * *
هوية الذين يعملون السيئات
وقد اختلف المفسرون في هؤلاء الذين يعملون السيّئات ، في تحديد هويتهم فقيل : إنهم المشركون الذين كانوا يفتنون عن دينهم ، وقيل : إنهم المؤمنون العصاة في ما يقترفونه من عصيان أمر الله ونهيه في تفاصيل الحياة. وقيل : إن المراد بعمل السيّئات أعم من الشرك وعمل المعاصي ، مما يجعل الآية عامّة لكل من يمارس السيّئة على مستوى العقيدة وعلى مستوى العمل.
وقد اختار صاحب الميزان الوجه الأول ، ورفض الوجهين الأخيرين على أساس مخالفة السياق الذي انطلقت فيه بداية السورة في الحديث عن الفتنة في نطاق مسألة الإيمان والكفر ، مما يجعل الآية في دائرة المشركين الذين كانوا يتحركون في اتجاه إيجاد أجواء الفتنة للمؤمنين ، في ما يقدمونه من إغراءات ، وما يثيرونه من ضغوط ، وما يحركونه من أوضاع. ثم استدرك بعد ذلك ، أن الآية لو كانت مستقلة في نزولها ، بعيدا عن السياق ، لكان مقتضاها العموم،