لأنه لا موجب لتخصيصها بخصوص الشرك ، أو بخصوص سائر المعاصي دون الشرك (١).
ونحن نلاحظ على ذلك ، أن بداية السورة لم تقتصر على الفتنة في العقيدة ولكنها قد تشمل الفتنة في العمل ، في ما يرتبط به الإيمان في صدقه وكذبه ، بالعمل على أساس الشريعة التي يفرضها الإيمان في الانسجام معها ، والابتعاد عنها ، مما يجعل العموم هو طبيعة هذه الآية ، كما هو طبيعة ما قبلها.
* * *
الذين يرجون لقاء الله
(مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) من هؤلاء المؤمنين الذين أحسنوا السير في خط الإيمان في الفكر والعمل ، وراقبوا الله في سرّهم وعلانيتهم ، ورأوا في ذلك فرصة للقاء الله في الدار الآخرة للحصول على رضوانه ، والدخول في جنته ، ولذا فإنهم يرجون ذلك ويحبونه وينتظرونه ، إذ لا سبب لديهم يدعوهم إلى الخوف من ذلك ، لأنهم لن يجدوا أيّة مشكلة في لقاء الله والوقوف بين يديه ، في لحظة الحساب التي يواجه فيها الناس نتائج مسئوليتهم عن أعمالهم في الدنيا ، في ما قدموه من خير أو شر.
(فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) في الوقت المحدّد له ، فليعمل الإنسان في الدائرة الإيمانية التي يريد الله أن يتحرك فيها ، في ما يقوله ويعبر عن سرّه الخفي وفي ما يتحرك به في عمله ، فسيحفظ الله له ذلك كله ، ولن يضيع من عمله شيء
__________________
(١) الطباطبائي ، محمد حسين ، الميزان في تفسير القرآن ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، ط : ١ ، ١٤١١ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ١٦ ، ص : ١٠٣. [بتصرف].