أيها المؤمنون المضطهدون .. إن أرضي واسعة
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) واضطهدوا وعانوا الكثير من الضغوط القاسية التي أراد المشركون من خلالها أن يفتنوكم عن دينكم ، ويمنعوكم من عبادة الله ويضيّقوا عليكم الأرض من حولكم ، لا تستسلموا لذلك كله ، ولا تسقطوا أمام محاولاتهم ، بل انفتحوا على أرض جديدة لا يملكون معها أيّة ضغوط عليكم. فليست الأرض التي يعيشون عليها هي كل الأرض ، بل هي مجرد نقطة للانطلاق ، وبداية للتحرك للعالم كله (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) لا تضيق بأحد ، ففيها أكثر من موقع للتخفف من الضغط ، وأكثر من مجال للحركة وللدعوة وللعبادة ، وإذا فقدتم القوّة في موضع ، فهناك الكثير من مراكز صنع القوّة وتنميتها في مواضع أخرى ، وإذا لم تستطيعوا أن تأخذوا حريتكم في العبادة في جهة ، فإن هناك أكثر من جهة تملكون فيها تلك الحرية. (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) ولا تلتفتوا إلى أولئك الذين يريدون لكم أن تتركوا عبادتي وتتجهوا إلى عبادة الأصنام من دوني تحت تأثير الأوضاع الصعبة التي يفرضونها عليكم ليحاصروكم في داخلها.
جاء في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) يقول : «لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك ، فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فإن أرضي واسعة ، وهو يقول : (فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) فقال : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها)؟ (١).
وفي مجمع البيان ، قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : «معناه إذا عصي الله
__________________
(١) تفسير الميزان. ج : ١٦ ، ص : ١٥١.