المألوف عظيما ، أو يتوقفون أمامها بروح الجحود الذي يتنكر لكل نعمة ولكل إحسان ، من موقع الشعور المعقّد الذي يثير العقدة ضد المنعم من قبل المنعم عليه ، أو ينطلقون في آفاق الشكر المنفتح على الخير كله ليتفاعلوا مع الخير في عقولهم وأرواحهم وقلوبهم وكل حياتهم فيشعرون بالامتنان وعرفان الجميل ، لكل لمسة حنان ، وفيض رحمة والتفاتة نعمة ، ونظرة لطف ، وخفقة حياة ، ونبضة روح ، ليتحوّل ذلك إلى شكر في الفكرة والكلمة والحركة ، وفي الحياة لله الذي خلقهم ورزقهم وشفاهم ونصرهم وأنقذهم من كل سوء.
وهكذا اكتشف لقمان الشكر لله ، كقيمة روحية من أسمى القيم ، ليقدمها لكل من يعي ويسمع ويتحرك في الاتجاه السليم.
* * *
الشكر لله
(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) فهو وحده الذي يستحق الشكر من خلال وحدانيته في إغداق النعمة على الإنسان الذي لا مصدر لديه لأية نعمة من النعم التي تحتويها حياته إلا الله ، وليس دور القوى الأخرى المتنوعة الموجودة في الكون ، إلا دور الأدوات والأسباب المباشرة ، التي تستمد سببيتها من مسبّب الأسباب ، وهو الله.
(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) من دون أن يكون لله نفع في هذا الشكر أو حاجة إليه ، لاستغنائه عن كل خلقه في كل شيء ، وليس لأحد منهم أن يضيف إلى ملكه شيئا ، لأنه لا يملك إلا ما ملكه الله ، ولا يتحرك بشيء إلا من خلال قدرته.