الروحية الحميمة ، إحساسا بالعلاقة الوثيقة الدائمة بالله التي لا مجال للاستغناء عنها ، في مسألة الحياة ، في كلّ مفرداتها الصغيرة والكبيرة ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) فيرون في هذا التدبير الإلهي سرّ الحكمة ، لا معنى الصدفة.
* * *
السماء والأرض تقومان بأمر الله
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) فهو الذي يدير نظامهما بعد أن خلقهما ، فبإرادته تتحركان وتسكنان في مجرى الحركة والسكون في الظواهر المتنوعة التي تحكم نظامهما وتوجّه مسيرتهما ، وتنظم وجودهما. فإذا كانت هناك قوانين طبيعية وسنن كونية ، تمنح نظامهما صفة الحتمية والثبات ، فإنها تنطلق من خلال إرادته ، فهو الذي خلقها في عمق تكوين السماء والأرض ، وهو الذي أشرف على تدبير حركتهما التي أرادها لهما.
(ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) عند ما تتعلق إرادته بخروجكم من الأجداث لتقفوا بين يديه في موقف الحساب ، فإن الأرض تستسلم لإرادته ، وتنقاد لدعوته ، في ما يوحي به إليها من تهيئة الشروط الطبيعية في تكوينها لذلك ، مما يوحي إليكم بأن كل الأشياء منوطة بإرادته ، فكيف تستبعدون البعث الذي أعدّكم له ووعدكم به ، وليس هو إلا بعض مظاهر هذه الإرادة الحاسمة التي تقول لكل شيء كن فيكون.
* * *