إرسال نوح إلى قومه
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد ، (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) بحيث استنفد كل تجاربه في وسائل الدعوة إلى الله ، فلم يترك كلمة من كلمات الهدى إلا وقالها ، ولم يدع أسلوبا من أساليب الإقناع بالإيمان إلا واستخدمه بكل حكمة ولباقة وعقل ، فلم يستجيبوا له ، بل أصرّوا على الاستمرار في عبادة الأوثان ، وسخروا منه ومن دعوته ، (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) الذي غمر الأرض بالماء حتى ارتفع إلى الجبال ، فلم يبق هناك ما يعصم من أمر الله (وَهُمْ ظالِمُونَ) لأنفسهم بالكفر ، وللحياة وللإنسان بالتمرّد والطغيان .. فكان الطوفان عقابا دنيويا على ذلك.
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) الذين ركبوا معه فيها (وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ) في ما تمثله السفينة أو ترمز له أحداث الطوفان من نصرة الله لأوليائه ، وهو درس وعبرة للأجيال القادمة من الناس أن الله يرعى رسله ، ويعاقب المتمردين عليه.
* * *
دعوة إبراهيم لقومه
(وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ) ووحّدوه في العبادة ، (وَاتَّقُوهُ) وراقبوه في أعمالكم لتحملوا مسئوليتها في جميع مفرداتها (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لأن توحيد الله في العبادة ، وتقواه في حركة الحياة ، هما اللذان ينظّمان للإنسان حياته ويحرّكانها في الخط المستقيم ، ويوحّدان له منهجه وغايته عند ما ترتبط كل القضايا بالله ، وتتجه كل الدروب إليه.
(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً) في ما تصنعونه من الأصنام الحجرية والخشبية مما لا يحمل أيّة قداسة ، ولا يمثّل أيّ معنى ، في ما هو الإله في