الرافضة للفحشاء والمنكر (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) ، في ما يثيره حضور الله في نفس المؤمن من الشعور برقابته القوية عليه وعلى كل خفاياه ، لتتولد في داخله القوّة الخفية الروحية الناهية عن كل ما يتجاوز حدود الله ، وعن كل ما ينكره الله ولا يرضاه. وبذلك كانت الصلاة ، في عمقها التشريعي ، عملا تربويا عباديا يعمل على صنع الشخصية الرافضة لكل معاصي الله ، بحيث يكون الحدّ الفاصل بين الصلاة المقبولة والصلاة غير المقبولة ، النتائج العملية التي تترتب عليها من حيث تحقيق النهي عن الفحشاء والمنكر في شخصية الإنسان ، وعدم تحقيق ذلك لديه. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف : «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا» (١).
وليس معنى نهي الصلاة للمصلي عن الفحشاء والمنكر ، أنها تحدث ذلك الأثر بشكل فعليّ حاسم ، ليتساءل متسائل ، كيف يصدق هذا في الوقت الذي نرى فيه الكثيرين من المصلين الذين يمارسون الفحشاء ويرتكبون المنكر ، بل إن المعنى الصحيح لذلك هو اقتضاء الصلاة لذلك بحسب طبيعتها العبادية ، وإيحاءاتها الروحية ، ومفاهيمها العملية ، بحيث لو عاش المصلي ذلك كله بوعي وتوجّه قلبيّ ، وخشوع روحيّ وجسديّ ، لحصل على ذلك.
* * *
(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ)
(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) من ذلك ، فإن ما يترتب على الصلاة من تعميق ذكر الله في نفس المؤمن المصلّي أكبر من النهي عن الفحشاء والمنكر الذي
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ١٤٧.