فرح المؤمنين بنصر الله
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) الذي يعطي أولئك المغلوبين النصرة على أساس سننه الكونية ، وحكمته العميقة ، (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) بقوته ورحمته وحكمته وتدبيره (وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) الذي ينطلق تدبيره من قاعدة العزة التي لا ينتقص أحد من قوتها شيئا ، ومن موقع الحكمة التي لا يجادل فيها أحد ، من أي نقطة من نقاط حركتها في الحياة.
أمّا فرح المؤمنين بذلك ، فلأنهم استطاعوا أن يواجهوا موقف الشمائة القرشي في ساحة الشرك ، بموقف قوّة ضاغط في ساحة الإيمان ، هذا بالإضافة إلى ما يوحيه من إمكانات الانتصار عليهم ، بعد أن بدأت هزيمة جماعاتهم في مجالات الكفر.
(وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) لأن إخلاف الوعد مظهر ضعف ، وعلامة نقص ، في حركة الذات في واقع الإنسان والحياة ، في ما يوحيه من خوف صاحب الوعد من إعلان الحقيقة ، أو اضطراره لكسب ثقة الناس في الحاضر ، والاعتذار منهم في المستقبل ، والله أعظم من ذلك كله ، وهناك ملاحظة مهمّة ، وهي أن الله يريد أن يؤكد الثقة به وبرسوله من خلال الإيحاء للمؤمنين بنصره لمن يشاء في المستقبل على أساس أن الأمور كلها بيده ، فلا يتخلّف هناك شيء عما يريد ، كما يريد أن يقوّي مواقع الإيمان في ساحة التحدي ، ويضعف مواقع الكفر ، ولا بدّ في ذلك من صدق الوعد الذي يؤكد الثقة ، ويضع القوّة ، ويرد التحدي بأقوى منه.
ولذلك كانت مسألة الوعد الإلهي ، في ما أنزله الله على رسوله ، في كتابه وفي ما عرّفه إيّاه في وحيه ، من المسائل الحاسمة في ضمير المؤمنين