هواه ويحترز به من الشيطان ، يداوي قلبه بالفكر ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن إلا في ما يعنيه ، فبذلك أوتي الحكمة ومنح العصمة» (١).
وقد جاء في بعض هذه الأحاديث ذكر بعض الوصايا المتفرقة التي تخضع للأجواء العامة في شخصيته ، مما لا مجال للتفصيل فيها في هذا التفسير.
وقد نستوحي من حديث الله في القرآن عن هذا الرجل الحكيم ، أن الله يعطي الدور الكبير من الأهمية للحكمة الإنسانية المنطلقة من الفكر والتجربة كما يعطي الدور للنبوّات المنطلقة في حركة وحيه ، لأن الله يريد للإنسان أن يعيش تجربته في حركة فكره وعمله ، كما يريده أن يستلهم وحيه في عقيدته وسلوكه ، ليكون للوحي الخط العام في حياة الإنسان ، وللمعاناة الذاتية الخطوط التفصيلية في خدمة الخط العام.
* * *
أغراض السورة
إن التدقيق في آيات هذه السورة يوحي بأن العقيدة في تصوراتها ومواقعها ومنطلقاتها وآفاقها في الكون كله ، هي ما يمثل العنوان الكبير للسورة. فقد تحدثت عن توحيد الخالق في مواجهة فكر الشرك ، وعن عبادته في مواجهة عبادة الأصنام ، وعن شكره ، وعن اليقين بالآخرة وما فيها من حركة الحساب في خط الثواب والعقاب ، وفي الانسجام العملي في خط الشريعة في ما أنزله الله من وحي يحدّد فيه للإنسان خطه السلوكي بعيدا عن كل
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ٢٢٧