أو يتحدث به. وقد أراد الله للمسلمين أن يكون سبيلهم في صراعهم العقيدي مع أهل الكتاب ، سبيل الحوار الذي يبحث في البداية عن مواطن اللقاء معهم ، ليبدأوا بعد ذلك الحديث في الخلافات ، من هذا الموقع ، بروحية الوحدة ، والرغبة في اللقاء على أرض مشتركة في نهاية المطاف.
* * *
المجادلة بالتي هي أحسن
(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) بالكلمة الحلوة الهادئة المعبّرة الواضحة ، والأسلوب الحكيم الذي يرصد المشاعر والأحاسيس ليحترمها ، ويدرس الذهنية لدى الطرف الآخر للحوار ليتعامل معها من خلال نقاط الضعف والقوّة ، والجوّ الملائم الذي يدرس الظروف المحيطة بالمسألة ، ليحشد فيه كل ما يمكن أن يثير التفكير ، ويبعد الانفعال ، ويقرّب من الاقتناع الهادىء العميق ، لتكون المسألة فكر يصارع فكرا في أجواء الرغبة في الوصول إلى الحقيقة التي تسمح بالتراجع عن الخطأ ، وتقود للانفتاح على الصواب ، بعيدا عن مسألة تأكيد الذات ، كما هو الحال عند مجتمعات التخلف التي تفهم الخلاف في الرأي ، قضية ذات تصارع ذاتا ، مما يجعل الانفعال هو طابع الحوار.
فهذا هو الأسلوب الأحسن الذي يقود الآخرين إلى احترام فكر الإسلام ، ويقرّبهم من أجواء الوصول إلى النتائج الإيجابية السليمة ، ويحوّل الأعداء إلى أصدقاء ، أمّا الأسلوب الذي هو الأسوأ ، فإن الإسلام يرفضه مع كل الناس ، لأنه يعقّد الأمور بدلا من أن يحلّ مشاكلها ، وذلك مثل السباب والاتهامات الظالمة ، والافتراءات الباطلة ، والكلمات الخشنة ، والأساليب المتشنجة ، والأجواء الانفعالية ، والتأكيد على مواطن الخلاف بدلا من مواطن اللقاء ، وغير ذلك مما يثير التعقيد والتشنج والارتباك على أكثر من صعيد ، ويحوّل الساحة إلى ساحة قتال بدلا من ساحة سلام. ولكن الحوار الهادىء ، والجدال