لقمان يتابع مواعظه لولده
(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).
كيف ينبغي لك أن تفكر بقدرة الله وإحاطته بالأمور كلها في ما تفكر فيه من رزقك ، لتحصل على الثقة به ، ولتؤمن بالضمانة الإلهية التي تضمن لك استمرار وجودك في حركة رزقك؟
وكيف ينبغي لك أن تستلهم من ذلك كله كيف يحيط علم الله بالأشياء فيعلم أكثر الأمور دقّة ، وأشدّها خفاء ، وأبعدها عن الرؤية ، فلا يغيب عن علمه شيء في الأرض والسماء ، مما يجعلك تفكر في عمق المسؤولية ودقتها أمام الحساب الإلهيّ ، وتطمئن للإحاطة الإلهية ، في ما تطلع عليه من كل أدوات الحفظ والرعاية؟
هل ترى صغر الحبة التي لا تكاد تراها بالعين المجرّدة ، إلا بجهد وتركيز كبير؟ إن الله قادر في إحاطته المطلقة ، أن يأتي بها إليك إذا كانت عنصرا من عناصر رزقك ، ليضعها بين يديك ، سواء كانت في صخرة سوداء ، ضائعة في التراب المجتمع فوقها ، أو في الثغرات الموجودة في داخلها ، أو كانت في السماوات في أيّ مكان تفرض فيه ، أو كانت في الأرض في سطحها وعمقها ، لأن الله لطيف ، ينفذ علمه إلى كل شيء ، فلا يحجبه شيء ، عن شيء ، خبير بحقائق الأمور.
وإذا كان الله محيطا بالأشياء ، بهذا المستوى ، وقادرا عليها ، فهل يخفى عليه شيء من عمل الإنسان ، في ما يخفيه وفي ما يعلنه ، مما هو في مكنونات صدره أو ما هو في خفايا سرّه ، أو ما هو بارز في ظاهر حياته ، الأمر الذي يفرض عليه الشعور برقابة الله في كل أعماله وأقواله ، وفي كل نواياه؟!
* * *