الانجذاب الذاتي الذي يتحرك في كيان الإنسان من خلال الفطرة التي فطر الناس عليها ، مما يجعل من المسألة مسألة لا تقتصر على الجانب الجنسي في حرارة العلاقة المتكاملة ، بل تتعداه إلى سائر الجوانب الروحية والشعورية ذات الآفاق المتنوّعة في أحاسيس الإنسان وتطلعاته. وهكذا يكون التعبير بالسكن في دائرة العلاقة الزوجية ، تعبيرا حيّا يتجاوز السكينة الجسدية الباحثة عما يشبع جوع الغريزة ويروي ظمأها ، إلى السكينة الروحية التي يخرج بها الإنسان من الشعور بالعزلة والوحدة والوحشة إلى الشعور بالاندماج والأنس والالتقاء بالآخر ، مما يعمّق في داخله السكينة الروحية في كل آفاق الذات. وربما كان التعبير بكلمة «أزواجا» إيحاء بالعلاقة الزوجية التي تمثل الرباط الوثيق الشرعي بين الرجل والمرأة ، فهي التي يحس كلّ منهما فيها بالشعور بامتلاء الفراغ الروحي في ذاته ، حيث يشعر بأن هناك إنسانا ينتظره ويخصّه ويعيش معه مسئولية الحياة كلها ، كما يعيش معه مسئوليته تجاه نفسه ، تماما كما هو الجزء مع الجزء ، بينما لا تمثل العلاقات الحرّة مثل هذا العمق الشعوري في السكينة الروحية ، إذ يعيش الأشخاص في داخلها ، ويعبّون من اللذات الجسدية ما شاءت لهم شهواتهم ، ولكنهم يرجعون إلى أنفسهم ، فيشعرون بالفراغ والقلق بأقسى ما يكونان ، لأن الجانب الجسدي وحده ، في نطاق العلاقات غير المرتبطة بالوثاق الشرعي ، لا يحقق أيّ شيء من ذلك.
* * *
علاقة الزواج بالمودة والرحمة في الإسلام
(وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) في ما أودعه في عمق إحساس الرجل والمرأة ، من مشاعر الحبّ والودّ ، ومن علاقة الرحمة النابضة بالروح الكامنة في حركة الحياة لديهما ، في ما يكفل معه كل واحد منهما الآخر ، فيتحمل