يكتشفها بعض عباده.
(إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهو الذي يعرف أسرار خلقه ، كما يعلم ما يصلحهم وما يفسدهم في طبيعة قدراتهم وظروف الحياة من حولهم ، وهو الذي يقدر ما يريد من أمورهم على حسب ما يعلمه من ذلك كله.
* * *
الله ينزل من السماء ماء
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) مما يجعل النموّ للأرض في ما يكمن في داخلها من البذور التي تهتز بنزول الماء عليها ، وما يحقق الحياة للعناصر الحية من إنسان وحيوان ، من إمكانات الحياة التي لا يمكن أن تستمر بدون الثروة المائية التي تختزنها الأرض في أغوارها السحيقة ، لتتفجر منها الينابيع والأنهار ، (لَيَقُولُنَّ اللهُ) فإذا كان الله هو مصدر ذلك كله ، فهل يمكن أن يكون مصدر الرزق غيره ، وهل من المعقول أن يدّعوا اختصاصهم بذلك ليمنعوا غيرهم منه ، أو ليروا فيه امتيازا لهم على غيرهم في موارده ومصادره ، (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الذي أظهر الحق ، وأكمل الحجة عليهم في ضرورة الالتزام بعبادة الله ، ورفض عبادة الأصنام. ولكن المشكلة لديهم أنهم لا يحركون عقولهم في آفاق الوعي ، بل يجمّدونها في مواقع غرائزهم وشهواتهم ، ليكون الإحساس المادي هو ما يشغل اهتماماتهم ، لا التفكير العقلاني الوجداني (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) لا بمعنى فقدان العقل الذي يملك قوّة التفكير ، بل بمعنى فقدان استخدامه كقوّة متحركة تفكر وتحاكم وتناقش وتكتشف خفايا الأشياء ، وترجع الأمور إلى مصادرها الحقيقية ، وتحركها في اتجاه خطوطها البارزة التي تتجه إلى ما فيه مصلحة الإنسان وتطوّره في مدارج الرقيّ والتقدم والسلام
* * *