الكثير من الآلام في سبيلها. وكانت المسألة في ما بين هؤلاء وهؤلاء هي مسألة الصدق في العقيدة وفي الموقف ، ومسألة الكذب فيهما. وكان الله يريد للصادقين أن يظهروا في مواقفهم الحقيقية للناس ليقتدوا بهم ، كما يريد للكاذبين أن يظهروا في جوهرهم المزيّف ، ليتجنب الناس الاغترار بهم.
(فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) وليس المراد حدوث العلم لله ، كما يوحي به التعبير ، لأن الله يعلم مستقبل الإنسان ، في ما يفعله عن سوء اختياره أو حسن اختياره ، وما لا يفعله كذلك ، قبل خلقه ، بل المراد ظهور المسألة للناس من خلال ملامح الصدق في سلوكهم العملي ، أو من خلال ملامح الكذب في ذلك ، فكان التعبير بمثابة استعارة كلمة العلم في تعلقها بالله على الطريقة التي تتعلق بها بالناس.
* * *
انتصار الكافرين وهمي مؤقت
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) من المشركين الذين كانوا يمارسون الضغوط على المؤمنين ليفتنوهم عن دينهم ، ومن الضالين الذين يتحركون في طريق الله ، في ما يخيّل إليهم من قوّة الموقع ، وعمق الحيلة ، وبما يدبرونه من مكائد في مواجهة الإسلام والمسلمين (أَنْ يَسْبِقُونا) في ما يمثله السبق من الغلبة ، على أساس ما يحققونه من نجاح في إضلال المؤمنين ، وما يثيرونه من غبار في وجه الدعوة إلى الله ، مما يوحي لهم بالانتصار على الله وعلى رسله ، عند ما تتقدم مواقعهم في الشرك على مواقع الإيمان.