كيفية تصرف الناس أمام الشدة والرخاء
تتكرر في القرآن الآيات التي تثير الظاهرة القلقة المتكررة في حياة الناس في الابتهال إلى الله في حالة البلاء ، والإعلان الإيماني بأنهم يخلصون له في العبادة والطاعة إذا رفع عنهم البلاء ، فإذا جاءت العافية ، برحمة من الله ، نسوا كل ما قالوه ، وعادوا إلى ما كانوا عليه.
وتستهدف هذه الإثارة التنبيه على ضرورة امتداد علاقة الإنسان بربه إلى جميع حالاته ، ليكون الله هو الأمل في حالة الشدّة ، والرحيم في وقت الرخاء ، وليشعر الإنسان بحاجته إليه في كل شيء ، لأن كل ما لديه من النعم التي تحكم حياته هي من الله ، فلا يستغني عنه في أيّ وقت.
* * *
الإنابة عند الضر والشرك عند الرحمة
(وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) في ما يمثله الدعاء الحارّ النابض بالألم ، الممزوج باللهفة ، المتحرك بالأمل ، من عودة محكومة بظروفها الحادّة الخانقة التي ترى في الدعاء المتنفس الذي يخرجها من الاختناق ، والساحة الواسعة التي تبتعد بها عن أجواء الحصار ، فإذا جاء الفرج ، وتباعدت الشدّة ، وهطلت الرحمة ، وتنفست الحياة ، وعاشت في حرية العافية ، كان لهؤلاء الناس وضع آخر يختلف عن روحية العودة إلى الله.
(ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) فأحسّوا ببرد العافية في حياتهم ، وبطمأنينة الأمن في ساحتهم ، رجعوا إلى أصنامهم البشرية ، واستسلموا لعلاقاتهم الصنمية ، ليلجأوا إليها ، ويتعبّدوا لها ، ويستغرقوا في أوضاعها الكافرة والمنحرفة ، وليبتعدوا عن الله من جديد ، (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) فهم