ليسوا كل الناس ، لأن هناك من يعيش عمق الإيمان بالله وشمول الإحساس بحاجته إليه ، فيبقى مع الله في إخلاص التوحيد ، وتوحيد العبادة له. ولكن الفريق الآخر الذي يعيش الإيمان في دائرة اللحظة ، لا في امتداد الحياة ، هو الذي ينحرف ويبتعد عن خط الإيمان ويستسلم لأهواء الشيطان ، (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) من النعم ، وليتمردوا ما شاءت لهم الأهواء والأطماع ، فلن يضروا الله شيئا ، لأنه الرب الغني عن عباده ، لا ينفعه شكر الشاكرين ولا يضرّه كفر الكافرين.
(فَتَمَتَّعُوا) أيها الكافرون بنعم الله (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما هي نتائج أعمالكم وما هو المصير الذي ينتظركم عند الله ، وهذا هو الخطاب الذي يوجهه الله إليهم عند ما يقفون في غفلة الزهو والخيلاء ، ويعيشون سكرة النعمة والرخاء.
(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) في ما يتمثل بالحجة العقلية والعلمية من سلطان على العقل الذي يتطلب القناعة بالبرهان (فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) ليتحدث عن شرعيته في موقع الألوهة ، أو ربوبيته في موقع العبادة ، في ما يمكن أن يؤكد صفة الشريك لله من خلال ما يملك من علم وقدرة وحكمة في ساحة الوجود كله.
وهذا الاستفهام إنكاريّ يستهدف النفي والرفض لذلك ، لأن وحدانية الله هي الحقيقة التي تهزم كل فكرة الصنمية لأي شخص ، أو لأيّ شيء ، لأن كل ما هو غير الله ، فهو مخلوق ومربوب له ، فكيف يمكن أن يساويه ليكون شريكا له؟!
وهذه هي الظاهرة التي تنتهي بالشرك عند ما يتحرك البلاء ، وتأتي الرحمة من بعده.
وهناك ظاهرة أخرى معكوسة يجسدها قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ