الإسلام هو دين الاعتدال والاستقامة
هل الدين في قاعدته الفكرية حالة خارجيّة طارئة تدخل إلى الذهن الإنساني من الخارج ، بعيدا عما هو التكوين الطبيعيّ للإنسان؟ أم هو حالة عميقة في ذاته ، تنبعث من فطرته الذاتية ، وتتحرك في حركة العقل والوجدان ، لتتحول إلى فكر وشعور ومعاناة والتزام.
إنّ هذه الآيات تحدّد الجواب عن ذلك في خطاب الوجدان النبويّ من موقعه الإنساني الفطري في دائرة العقيدة والعمل.
* * *
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً)
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، والحنف ميل القدمين إلى الوسط ، فيكون المراد به الكناية عن الاعتدال.
لا بد للإنسان من خطّ يسير عليه من أجل الوصول إلى غايته المثلى في الحياة ، ليؤكد معنى إنسانيته في عمق ذاته ، فما هو هذا الخط؟
إنه خطّ الاستقامة والاعتدال الذي لا ينحرف ولا يميل ولا يزيغ ، الذي يريد الله للإنسان أن يقبل عليه بوجهه ، لا الوجه الظاهر المعروف ، بل كيانه المشتمل على عقله وروحه في ما يتمثل به حقائق الأمور العامة.
إنه دين الله الذي يجمع الخير كله ، وينفتح على الحياة الحرّة الواسعة التي تلتقي عندها كل خطوط السعادة في الدنيا والآخرة.
إنه توحيد الله الذي يعيش فيه الإنسان التصوّر الشامل الذي يتحرك في آفاقه الصدق ، والعدل ، والإحسان ، والقوّة المفتوحة على الرحمة والسماح في خط التوازن بين المادة والروح ، وانسجام الشخصية الفردية والاجتماعية ، في