الإنسان المتّصف بها إلى إنسان منفتح يملك وضوح الرؤية للمواقف ، فلا ينحرف عن خط الاستقامة فيها وسداد الرأي في القضايا ، ولا يخطئ في الحكم عليها إلا بشكل بسيط. وقد رأيناه كيف يوصي ولده بالانفتاح على الله وعلى الحياة من حوله من موقع الثقة بالله في تحريكها نحو الخير والاتزان والمسؤولية والصبر على مشاكل الحياة باعتبار ذلك مظهر عزم وقوّة ، من أجل أن يصوغ شخصيته صياغة متوازنة من الداخل ، وفي علاقته بالناس وبالحياة من حوله ، ممّا يثير في تقديرنا وتصورنا له ، كيف يكون الأب المسؤول واعيا للفكر المتأمّل والتجربة الواعية ، من أجل إغناء شخصيته بالحكمة ، وتوجيه ولده نحو الاستقامة في الفكر والعمل.
وقد جاء في تفسير القمي بإسناده عن حماد قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عزوجل ، فقال : «أما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ، ولكنه كان رجلا قويّا في أمر الله ، متورّعا في الله ، ساكتا مستكينا ، عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغنيا بالعبر ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدّة تستّره وعمق نظره وتحفظه في أمره ، ولم يضحك من شيء قط ، مخافة الإثم ، ولم يغضب قط ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح بشيء أتاه من أمر الدنيا ، ولا حزن منها على شيء قط ، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير ، وقدّم أكثرهم أفراطا ، فما بكى على موت أحد منهم.
ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلّا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحابّا ، ولم يسمع قولا قطّ من أحد استحسنه إلّا سأل عن تفسيره وعمّن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرّتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ويجاهد به