سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله ، وأنت إذا تأملت ما عرض في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها قبل تبينت أن هذا المثال صحيح.
وأول من غير هذا الدواء الأعظم الخوارج (١) ، ثم المعتزلة (٢) بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية (٣) ، ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى ، وذكر كلاما بعد متعلقا يكتب ليس لنا غرض في حكايته ـ أه.
__________________
(١) قال الإمام ابن الجوزي : أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة. ثم ساق بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : بعث على من اليمن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذهب في أديم مقروظ لم تخلص من ترابها فقسمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أربعة ... الحديث وفيه : ثم أتاه رجل غائر العينين ، مشرف الوجنتين ، ناتئ الجبهة ، كثّ اللحية ، مشمر الإزار محلوق الرأس ، فقال : اتق الله يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرفع رأسه إليه وقال : «ويحك أليس أحق الناس أن يتقي الله أنا» ... ثم قال : ثم نظر إليه النبي صلىاللهعليهوسلم وهو مقف فقال : «إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» ... الحديث رواه البخاري ومسلم.
قال الشيخ : فهذا أول خارجى خرج في الإسلام ، وآفته أنه رضي برأى نفسه ، ولو وقف لعلم أنه لا رأى فوق رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا على رضى الله عنه.
وقال : ومن آرائهم : أنه لا تختص الإمامة بشخص إلا أن يجتمع فيه العلم والزهد ، فإذا اجتمعا كان إماما نبطيا أ. ه (تلبيس إبليس) بتصرف وإيجاز.
(٢) قال ابن الجوزي : أحدث المعتزلة التحسين والتقبيح إلى العقل ، وأن العدل ما يقتضيه ، (ومن رءوسهم) واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وأبي الهذيل العلاف والنظام ومعمر والجاحظ وطالعوا كتب الفلاسفة في زمان المأمون واستخرجوا منها ما خلطوه بأوضاع الشرع مثل لفظ : الجوهر والعرض والزمان والمكان والكون.
وأول مسألة أظهروها : القول بخلق القرآن وحينئذ سمى هذا الفصل ، فصل علم الكلام ، وتلت هذه المسألة مسائل الصفات مثل : العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر ، فقال قوم : هى معان زائدة على الذات ، ونفتها المعتزلة وقالوا : عالم لذاته ، قادر لذاته أ ، ه (المصدر السابق) بتصرف.
(٣) قال الإمام ابن الجوزي : كانت النسبة من زمن الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى الإيمان والإسلام ، فيقال مسلم ومؤمن ، ثم حدث اسم : زاهد وعابد ، ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد