أهلهما. ومن جعل القرية للسكان والمسكن ، والعير اسما للركبان والمركوب ، ولم يحتج إلى هذا التقدير.
وإذا كانت هذه الأنواع لا تجوز مع تجريد الكلام عن القرائن المبينة للمراد ، فحيث تجرد علمنا قطعا أنه لم يرد بها ذلك ؛ وليس لقائل أن يقول : قد تكون القرائن موجودة ولا علم لنا بها ، لأن من القرائن ما يجب أن يكون لفظيا كمخصصات الأعداد وغيرها. ومنها ما يكون معنويا كالقرائن الحالية والعقلية. والنوعان لا بد أن يكونا ظاهرين للمخاطب ليفهم مع تلك القرائن مراد المتكلم ، فإذا تجرد الكلام عن القرائن فإن معناه المراد عند التجرد ، وإذا اقترنا بتلك القرائن فهم معناه المراد عند الاقتران ، فلم يقع لبس في الكلام المجرد ولا في الكلام المقيد ؛ إذ كل من النوعين مفهم لمعناه المختص به. وقد اتفقت اللغة والشرع أن اللفظ المجرد إنما يراد به ما ظهر منه ، وإنما يقدر من احتمال مجاز أو اشتراك أو حذف أو إضمار ونحوه وإنما يقع مع القرينة ، أما مع عدمها فلا والمراد معلوم على التقديرين. يوضحه :
الرابع والخمسون : أن غاية ما يقال إن في القرآن ألفاظ استعملت في معان لم تكن العرب تعرفها ، وهي الأسماء الشرعية كالصلاة والزكاة والاعتكاف ونحوها ، والأسماء الدينية كالإيمان والإسلام والكفر والنفاق ونحوها. وأسماء مجملة لم يرد ظاهرها كالسارق والسارقة والزاني والزانية ونحوها ؛ وأسماء مشتركة كالقرء وعسعس ونحوهما ، فهذه الأسماء لا تفيد اليقين بالمراد منها.
فيقال : هذه الأسماء جارية في القرآن على ثلاثة أنواع : نوع بيانه معه ، فهو مع بيانه يفيد اليقين بالمراد منه ، ونوع بيانه في آيات أخرى ، فيستفاد اليقين من مجموع الآيتين ، ونوع بيانه موكول إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فيستفاد اليقين من المراد منه ببيان الرسول صلىاللهعليهوسلم ولم نقل نحن ولا أحد من العقلاء : إن كل لفظ هو مفيد اليقين بالمراد منه بمجرده من غيره احتياج إلى لفظ آخر متصلا به أو منفصلا عنه ، بل نقول : إن مراد المتكلم يعلم من لفظه المجرد منه والمقرون تارة ، ومنه ومن لفظ آخر يفيدان اليقين بمراده تارة. ومنه ومن بيان آخر بالفعل أو القول يحيل