والتوحيد الثاني : توحيد الجهمية : وهو مشتق من توحيد الفلاسفة. وهو نفي صفات الرب كعلمه ، وكلامه ، وسمعه ، وبصره وحياته ، وعلوه على عرشه ونفي وجهه ، ويديه ، (وقطب رحى) (١) هذا التوحيد جحد حقائق أسمائه وصفاته.
التوحيد الثالث : توحيد القدرية والجبرية : وهو إخراج أفعال العباد أن تكون فعلا لهم ، وأن تكون واقعة بإرادتهم وكسبهم ، بل هي نفس فعل الله تعالى. فهو الفاعل لها دونهم ، ونسبتها إليهم فعلها ينافي التوحيد عندهم.
الرابع : توحيد القائلين بوحدة الوجود : وأن الوجود عندهم واحد ، ليس عندهم وجودان : قديم وحادث ، وخالق ومخلوق ، وواجب وممكن. بل الوجود عندهم واحد بالعين ، والذي يقال له الخلق المنزه والكل من عين واحدة ، بل هو العين الواحدة.
فهذه الأنواع الأربعة سماها أهل الباطل توحيدا واعتصموا بالاسم من إنكار المسلمين عليهم وقالوا : نحن الموحدون ؛ وسموا التوحيد الذي بعث الله به رسله : تركيبا وتجسيما وتشبيها ، وجعلوا هذه الألقاب لهم سهاما وسلاحا يقاتلون بها أهله ، فتترسوا بما عند أهل الحق من الأسماء الصحيحة وقابلوهم بالأسماء الباطلة وقد قال جابر في الحديث الصحيح في حجة الوداع : فأهل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتوحيد : «لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» (٢) فهذا توحيد الرسول صلىاللهعليهوسلم المتضمن لإثبات صفات الكمال التي يستحق عليها الحمد ، ولإثبات الأفعال التي يستحق بها أن يكون منعما ، ولإثبات القدرة والمشيئة والإرادة والتصرف والغضب والرضى والغنى والجود الذي هو حقيقة ملكه ، وعند الجهمية والمعطلة والفلاسفة لا حمد له في الحقيقة ولا نعمة ولا ملك ، والله يعلم (أنه) لا نجازف في نسبة
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) في نسخة : وقد رأى.